نجوى ككوس: احتجاجات “جيل زد” ليست انفجارا اجتماعيا بل تعبير صحي عن أزمة ثقة

هاجر العنبارو
أكدت نجوى ككوس، رئيسة المجلس الوطني لحزب الأصالة والمعاصرة، أن ما تشهده الساحة المغربية من احتجاجات يقودها ما يعرف بـ”جيل زد” لا يمكن تصنيفه كـانفجار اجتماعي، معتبرة أن هذه التحركات تمثل شكلا من أشكال التعبير الديمقراطي الذي يعكس حيوية المجتمع المغربي.
وقالت ككوس، خلال استضافتها في برنامج نبض العمق، إن ما يحدث في الشارع هو نتيجة مباشرة لـأزمة ثقة وأزمة تواصل بين الشباب والمؤسسات، مشيرة إلى أن مثل هذه الديناميات الاجتماعية تقع في كل دول العالم وليست حالة مغربية استثنائية، مسجلة أنمن الطبيعي أن ترافق الاحتجاجات بعض التجاوزات، لكن ذلك لا ينفي وجود وعي مجتمعي لدى الشباب الذين سارعوا إلى التبرؤ من مظاهر العنف والتخريب التي رافقت بعض الوقفات.
جيل واع يميز بين الاحتجاج والفوضى
واعتبرت ككوس أن تبرؤ الشباب المحتجين من أعمال العنف يظهر نضجا ومسؤولية، مبرزة أن هناك فئة محدودة فقط حاولت استغلال الأحداث لتفريغ كبت داخلي أو لتحقيق مصالح شخصية، مؤكدة في الوقت نفسه ضرورة عدم تعميم تلك التصرفات على باقي المشاركين.
وفي تعليقها على إمكانية وجود “أياد خفية” داخلية أو خارجية وراء هذه التحركات، أوضحت المتحدثة أنها لا تتوفر على معطيات دقيقة بهذا الخصوص، مضيفة “الاحتجاجات في كل مكان تكون عرضة لمحاولات الاستغلال، سواء سياسيا أو أيديولوجيا أو حتى خارجيا، لكن الأهم هو الحفاظ على الحياد والنظر إلى المحتجين كأشخاص خرجوا للتعبير عن واقعهم ومعاناتهم اليومية”.
الإعلام الدولي ومحاولات الاستغلال
وتطرقت ككوس إلى الطريقة التي تعاملت بها بعض وسائل الإعلام الأجنبية مع هذه الاحتجاجات، مشيرة إلى أن بعض المنصات الدولية والإقليمية، وحتى البلدان المجاورة، حاولت توظيف الأحداث بطريقة انتقائية، بالمقابل، أثنت على وعي الشباب الذين تصدوا لتلك المحاولات عبر منصات التواصل، ورفضوا الرسائل الموجهة إليهم من جهات خارجية.
الأزمة أزمة تواصل وليست احتقانا اجتماعيا
وفي تقييمها للوضع القائم، شددت ككوس على أن المغرب لا يعيش حالة احتقان بالمعنى السلبي، بل مرحلة انتقالية تتسم بضعف قنوات التواصل بين الشباب والمؤسسات، وأوضحت أن تبادل البلاغات بين الحكومة وحركة “جيل زد” يعكس “شدا وجذبا” يمكن أن يشكل مدخلا نحو حوار فعال ومثمر.
وقالت المتحدثة ذاتها “لو كان هناك تواصل مسبق وواضح، لما رفعت بعض الشعارات دون مطالب دقيقة أو مقترحات بديلة، لذلك أرى أن ما نعيشه اليوم محطة صحية تبرز أن المغرب بلد ديمقراطي يتيح حرية التعبير والتظاهر في إطار القانون”.
التواصل الفردي..بين الحاجة والاتهام
وعن الجدل الدائر حول الاتصالات الفردية التي تقوم بها بعض الجهات مع شباب الحركة، اعتبرت ككوس أن غياب قيادة أو هيئة تمثيلية للمحتجين يجعل التواصل الفردي الخيار الواقعي الوحيد، مضيفة أن أي خطوة من هذا النوع يمكن أن تفسر بتأويلات مختلفة، لكنها تظل محاولة ضرورية لفهم المطالب عن قرب.
وأوضحت أن الحوار اليوم يتم مع أفراد معروفين بأسمائهم، غير أن الحل المستدام، في نظرها، يمر عبر تشكيل تمثيلية واضحة تمكن من تفاوض فعال ومنظم، مشيرة إلى أن مختلف الأحزاب والمؤسسات، بما في ذلك الحكومة، رفعت من منسوب التواصل في الفترة الأخيرة في محاولة لاحتواء التوتر وبناء جسور الثقة مع الشباب.
واختتمت ككوس حديثها بالتأكيد على أن المغرب يمر بمرحلة طبيعية في مسار تطوره الديمقراطي، معتبرة أن الاحتجاجات الأخيرة جرس إنذار إيجابي يدعو إلى إعادة بناء الثقة بين الشباب ومؤسسات الدولة، من خلال فتح قنوات حوار شفافة ودائمة، تعيد للمشهد السياسي روحه التواصلية ومصداقيته لدى الأجيال الجديدة.