حيلة الشيطان
متابعة

كانت زوجته كلما دخلت عليه مكتبه تراه مُنكبًا على الكتابة، وكلما رآها سارع بإخفاء ما يكتبه بحركة ظاهرة واضحة، استشاطت الزوجة غضبا، حينما اقتربت منه ذات مرة وسألته عن سبب شروده وعما يخطه، لكنه لم يمنحها إجابة ترضى فضولها كأنثى غيورة، بل تسلل الشك إلى قلبها، حينما رأته يخفى «مذكرته» التى يكتب فيها فى خزانة مكتبه ولم يعد يترك المفاتيح، بل يتفنن فى إخفائها.
ذات مساء انتظرته الزوجة حتى خلد إلى النوم، واستطاعت بعد عناء أن تجد مفاتيح الخزانة تحت الوسادة التى أسفل رأسه، وما هى إلا دقائق معدودة وكانت الخزانة مفتوحة و«المذكرة» بين يديها تتصفحها بحذر، وهالها ما قرأت وألجمت المفاجأة لسانها حينما قرأت: علىّ تدبير مبلغ عشر ملايين سنتيم وإلا ستضيع مني «السلسلة» الألماس الذى كانت ترتديه الملكة ، علىّ تقديمه لزوجتى الحبيبة فى عيد ميلادها، الذى لم يبق عليه سوى أيام، ولكن من أين لى بالمال وأنا أمر بضائقة مالية خانقة، ثم إنه لا يمكننى الاستدانة منها لشراء هدية لها، كم أعشقها وكم أتمنى أن أضع بين يديها الدنيا بما تحوى.
تركت الزوجة «المذكرة» تسقط من يديها وترقرقت فى عينيها دمعتان كبيرتان، وتمنت لو أيقظته وأخذته بين أحضانها. لكنها غالبت رغبتها وأعادت كل شىء إلى موضعه.
وفى الصباح ألَّحت الزوجة على زوجها فى الإفصاح عما يؤرق مضجعه ويسلبه راحته، وحينما أمعن فى الصمت قالت له: إن كانت المشكلة تكمن فى المال استطيع مساعدتك.
فى عيد ميلادها كان تزين رقبتها سلسلة من طراز فريد راحت تتحسسه فى أنفة وزهو، ولم تترك صديقة لها إلا وأخبرتها بقصته، وكيف كانت ترتديه الملكة وآل إليها، وصديقاتها مشدوهات بما يسمعن بينما زوجها كلما رآها يستدير ليُخفي ابتسامته التى كادت تفضح أمره ولسان حاله يقول: ما أروع صُنع «سيد يافت». له يدان ساحرتان فى تقليد المجوهرات، حتى يُخيل إلىّ أن السلسلة المزيفة تفوق الأصلية روعة، يستحق الألف درهم التى حصل عليها نظير صنيعه، ويستحق أيضا شكري وامتنانى.