العيساتي يكتب عن أنغام وألوان المدينة العتيقة لطنجة
الحسين العيساتي

كانت الجولة التمهيدية للحملة التضامنية التي يراد لها ان تكون قارة ودائمة بداية من نهاية الاسبوع المقبل، كانت متميزة وبأثر طيب لدى التجار والصناع التقليدين بالمدينة العتيقة لطنجة، جولة نفضت بعض الغبار المتراكم على ماتكتنزه هذه المدينة من كنوز ودرر.
الفاعلون الاقتصاديون والجمعويون التئموا في جولة تجريبية يومه السبت ثامن يناير لاعطاء الانطلاقة لمبادرة قد تصبح عرفا دوريا الهدف من وراءه احياء روح التضامن بين سكان المدينة الواحدة.
فإذا كان عيد الاضحى، كما يقول بعض الاقتصاديين، هو مناسبة لاعادة توزيع المداخيل بين المدينة والبادية عن طريق تحويل مبالغ مهمة لشراء الاضاحي وتأمين دخل قار للفلاحين في دورة تجارية اقتصادية مفيدة لجميع الاطراف.. فإن مثل هذه المبادرات، والحديث هنا عن مبادرة “مساريا ف لمدينة” تعتبر فرصة جيدة لاحياء الرواج بالمدينة العتيقة لطنجة عن طريق حث السكان ممن يسكنون خارجها على زيارتها للتبضع والاستمتاع بمؤهلاتها السياحية الهائلة.
المدينة العتيقة بطنجة في حلتها الجديدة الانيقة لم يعد ينقصها شيء لتصبح مزارا سياحيا يحج اليه السياح من كل حدب وصوب… “باب البحر” لوحدها معلمة اثرية وتاريخية وطبيعية باهرة ناهيك عن “الحبس” الذي صار متحفا والمدارس الموسيقية مرورا بالبيع والكنائس القديمة والافران التقليدية ووصولا الى المطاعم والمقاهي و بائعي النوگة اللذيذة.. اللذيذة جدا والتي تعبأ في علب صغيرة تتكلف شركات النقل الدولية بإيصالها الى دول العالم باسره.
لماذا ينتشر السياح في دروب غرناطة وقرطبة واشبيلية ويملؤون فنادقها بينما تخلو مطاعم طنجة المدينة الا من بضع زبناء يطلبون اطباق بدون مقبلات ولا “ديسير” لا تكفي طلباتهم حتما لتسديد المصاريف القارة لصاحب المحل؟ مالذي يحول دون توافد السياح على هذه الارض بالرغم من تعدد الرحلات الجوية والبحرية؟ والحديث هنا عن الايام العادية وليست ايام الوباء هاته التي لا يبدو انها ستنتهي قريبا، الشيء الذي يفرض على الجميع الانخراط في عملية ابداع للحلول بغية تجاوز تداعيات الازمة الصحية.
مالسبيل الى انعاش الرواج بالمدينة العتيقة وتحريك عجلة السياحة؟، او بلغة “نيوتن”ما هي القوة الكفيلة بتحريك هذا الجسم الساكن، والاجسام، دائما حسب نيوتن، غالبا ما تركن الى السكون وفق مبدأ “القصور”.
اسئلة وغيرها ستبقى دون اجابة ما لم نجرب كل شيء.. نعم التجريب هو الحل، والامل كل الامل ان تتحول احدى التجارب الى حلول بعد صقلها وتنقيحها؛ لا ان نجاهر بادعاء امتلاك الحلول الهيكلية غير الموجودة اصلا في عالم متحرك متحول و متحور.
ان نتناول وجبة الفطور في البيت شيء مهم وصحي واقتصادي طبعا، وان نتناولها فقط مرة كل شهر باحد مقاهي المدينة العتيقة شيء مختلف سيقربنا واطفالنا من تاريخنا وعاداتنا ويشجع ارباب هذه المقاهي على تجويد خدماتهم بما يليق بطلباتنا و رغباتنا، نفس الامر ينطبق على باقي التجار والصناع التقليديين ممن نحتاج الى منتوجاتهم التقليدية العريقة، و نحتاج الى انغامهم والوانهم البهيجة اكثر مما يحتاجون الى دعمنا ومؤازرتنا وتضامننا.
مئات الالاف يخرجون كل نهاية اسبوع للترويح عن النفس من عناء اسبوع شاق من العمل، افراد وجماعات يخرجون لنفس الاماكن تقريبا وبشكل متكرر بحثا عن شيء جديد ومختلف قلما يجدونه في وجهاتهم المعتادة ولكنهم حتما سيجدونه في دروب المدينة القديمة التي اكتست حلة جديدة.