شركوك يكتب: الأصالة والمعاصرة وآفاق بناء تنظيم منتج..
عبدالسلام شركوك

مِنَ الناس مَن يمرون في الحياة دون أن يسألوا عن حال و ماَل الأشياء وقد رضوا بذلك..
وعلى العكس هناك فئة من الناس، يعيشون الحياة بحس نقدي كبير، ما ينتج عن ذلك بعض الهواجس التي تؤرق المرء.
وبخلاف ما يتوقعه دعاة راحة البال، فتلك الهواجس تعطي للمرء الفاعل في التعبيرات الاجتماعيةالمختلفة معنى لوجوده..
مناسبة هذا الكلام هو التأمل في “ملكوت” حزب الأصالة والمعاصرة، خاصة وأنه اليوم يعيش تجربة سياسية جديدة منذ تأسيسه، بعد أن صار حزبا مشاركا في السلطة الحكومية وفريقيه البرلمانين من الأغلبية، فضلا عن مشاركته الفاعلة التي ستنعكس بلا ريب على حياته الداخلية.
بلادنا اليوم تعيش مرحلة جديدة، لاسيما بعد الانتهاء من الانتخابات التشريعية والجهوية والجماعية وافول ممثل المشاريع الماضوية صاحب الأغلبية السابقة في العشرية الأخيرة، وبروز اليوم مشروع نهضوي بتركيبة ثلاثية، يسعى لبناء أسس الدولة الاجتماعية بقيادة عاهل البلاد وتنزيل من حكومة تحظى بثقته وثقة الناخبين.
إلا أن هذا لا يعني ان الأحداث السياسية لا تتسارع، ففي ظل سياق اجتماعي مقلق، يفرض معه على وجه الاستعجال البدء في إعادة البناء والترميم لتنظيمنا الحزبي ليقوم بأدواره المطلوبة منه دستوريا ومجتمعيا، فقد سبق في الأسبوع قبل الماضي، أن اعلن قطب التنظيم المنبثق عن المكتب السياسي، عن إطلاق دينامية تنظيمية، وتأتي هذه الحركية بعد ان هُدر الزمن التنظيمي مباشرة بعد المؤتمر الرابع بسبب الجائحة من جهة وتدبير الاستحقاقات الانتخابية من جهة اخرى، علما وأن السياق الذي جاء فيه المؤتمر، كان يحمل جروحا لم تندمل، خلفتها الأزمة المعروفة للجميع، ما نتج عن كل ذلك واقعا نجده مؤلما حين نستجمع حجم الخسائر على مستوى المناضلين الذي رحلوا أو جمدوا نشاطهم أكان للسياق المذكور ام لسياقات اخرى..
“البام” اليوم هو ملك لمن تبقى فيه من مناضلاته ومناضليه الذين دافعوا عنه لما كان يتعرض للضربة تلو الأخرى من القريب والبعيد و الداخل والخارج وحافظوا عليه لما تمنى الكثير زواله، وهو ملك كذلك للذين خاضوا من أجله المعارك وغامروا بكل شيء وضحوا بريعان عمرهم حتى يظل كيانا حيا ولا يتم تفويته ليكون ملحقة مثلما سعى البعض، ناهيك عن أنه (البام) ملك لمنتخبيه الذين شقوا الجبال والهضاب شقا، وحرثوا السهول حرثا، ليحصد الجرار النتائج التي بوأته المكانة التي يستحقها كرمز للخير الوفير، وسعة صدره تتسع كذلك للذين غادروه من مناضليه ومناضلاته في لحظة غضب لكن رجعوا إليه أو يأملوا في الرجوع اإليه..
قد خاب مسعى من كان يمني النفس بأن يصير حزب الأصالة و المعاصرة مجرد حزب عادي صغير يتواجد في البوادي والفيافي (وإن كان المغرب العميق أولى أولويات الحزب)، وأن يتعثر في الاستحقاقات الانتخابية الأخيرة. فبقدر ما كانت أزمات الحزب مؤلمة لمن تفشلللحزب،بقدر ما نجح الحزب في كل الأزمات التي مر منها، وها هو اليوم يمد يده لكل بناته وأبنائه ممن لهم إرادة فعلية في بناءه بأفق جديد، فقدر هذا الحزب الانبعاث في كل مرة يُنظر إليه أنه مات، كطائر الفينق ( فينكس حسبما يُسمى في الميثولوجيا الاغريقية) الذي ينبعث من رماد احتراقه.ما الشابة والنسائية، وزعامات جديدة تتحمل المسؤولية وتستلم المشعل مستقبلا…